تعديل

Flag Counter

الخميس، 17 أكتوبر 2013

النوافذ المغلقة للكاتب بشير فنصة



بسم الله الرحمن الرحيم تحية خالصة إلى كل القراء الأوفياء  في هذه المقالة أحببت أن أسلط الضوء على مقالة الناشر والتي أثارت إعجابي وأتمنى أن تلقى نفس الاهتمام منكم.
"النوافذ المغلقة"ترمز إلى الصراع العنيف بين القديم والحديث,وتحكي أزمة الإنسان العربي المعاصر مع نفسه ومع من حوله,وتكشف عن تفسخ أوضاع محلية من جميع جوانبها الاقتصادية والفكرية والروحية,وتشهد على قرب انتهاء دورها التاريخي,لتفسح المجال أمام إيديولوجية جديدة تفرضها متطلبات الحياة والعصر.
قد يعترض بعضهم على ما كشفه المؤلف في قصته من سوءات وعورات,لفئات من الناس لا تزال تتصدر المجالس,وتحتل أعلى المراكز,وتتصرف بمقدرات الجماعة,في المعرفة والنور,ولكن كشف العيوب ليس عيبا في حد ذاته,بل العيب كل العيب-هو إخفاء العيوب-والتستر على المساوئ ودفن الرؤوس في الرمال,فيستفحل الشر والفساد,وتزداد النقمة ويشتد البلاء,وكفى المرء نبلا أن تعد معايبه,وخير الأقوال ما كانت شواهده الأفعال.
إن مؤلف النوافذ المغلقة على اتفاق مع موريس ماترلنك في قوله
"إن سعادتنا تتوقف غالبا على الحرية التي يسود حكمها في دخائلنا,تلك الحرية التي تنمو ويشع مداها بالأفعال الطيبة,وتنكمش وتتضاءل تحت وطأة الأفعال الشريرة".
كذلك فهو على اتفاق مع من قال"لا يستطيع شعب أن يقتبس نظمه من السطح الظاهري للأمم الأجنبية,إذ عليه أن يكتشف هذه النظم في أعماق نفسه إذا أراد أن يحيا حياة حرة".
"النوافذ المغلقة" تكشف بصراحة زيف الأزياء التي يتزياها الكثيرون من أبناء الجيل الجديد,ويبدون بها مقلدين للآخرين,وهم في صميمهم يحملون معهم رواسب الماضي السحيق,من غيبيات  القرون الأولى,وعنعنات التقاليد,وأوهام الأساطير.
إن شخوص هذه القصة,إحياء بيننا,وليسو غرباء عنا,صورهم المؤلف بخيرهم وشرهم,فحدثنا عن أمالهم وآلامهم,بصدق وواقعية,ولو إن في كثير من المواقف كان قاسيا في النقد,ساخرا من الوضع,ذلك انه لم يستعر شخوصه من بيئات أجنبية أو أبراج عاجية,كما فعل الكثيرون من الأدباء العرب المتأثرين بتيارات الثقافة الغربية,فلم يعيروا واقعهم هم بالذات أي التفات,بل راحوا ينطقون شخوصهم بلغة غير لغتهم وكأنهم يعيشون في الحي اللاتيني في باريس,أو سوهو في لندن.وبشير فنصة إذ يعالج  أزمة الفكر عند الإنسان العربي المعاصر,بالحوار الحر,غير الممل,لم يكن ملتزما بالموعظة السمحة والتوعية العقيمة,والالتزام بغير إدراك لمعنى الالتزام,فهو لم ينسى انه يكتب قصة,ولا يلقي خطبة,وإذا عمد في بعض المواقف إلى الرمز,فلأنه يصطدم كما يصطدم الآخرون من الكتاب الذين يعيشون في أجواء ضيقة,وبين جماعات مغلقة,تحول بينهم وبين التعبير الحر,بأبعاده الواسعة,فيأتي هذا الرمز خفيف الواقع,لا غلو فيه ولا إبهام,كما أشار إلى ذلك الدكتور أسامة عانوتي في تعليقه الأول على قصة"برج الصمت"للمؤلف نفسه.
إن شخوص النوافذ المغلقة,ليسوا آلهة تمشي على الأرض,ولا ملائكة تحلق بأجنحتها فوق السحاب,ولا مخلوقات عجيبة,لا تعرف جوعا ولا شبعا,ولا حزنا ولا فرحا,إنما هم مثلنا في كل مكان,في كل حي وتجمع,يعيشون حياتهم كما نعيشها,بتناقضاتها وآلامها وآمالها.
أما جمال هذه القصة,وما فيها من إبداع فني,وصور خفيفة الحركة,تترك في المرء انطباعا معبرا لما يمور في أعماق النفس البشرية,من أهواء مكبوتة,ورغبات جياشة,فنترك أمر تقديره والحكم عليه للقارئ نفسه.
على هذا فإننا نرى في قصة بشير فنصة,حروفا من نور ونار,يضيء الدرب للضائعين من الجنسين الخائبين,ونار تحرق رواسب المجتمع المغلق,ذلك المجتمع الرث الذي لا تزال تتحكم فيه قوى الشر والظلام,ولا تزال تخرج من كهوفه المعتمة العفنة,ثعابين التعصب الزنيم,لتنفث سمومها في الناس أجمعين.

"إن أهل  أثينا,طوال الفترة التي كانوا فيها تحت حكم الطغاة,حتى أصبحوا في طليعة الجميع,فحين كانوا مضطهدين كانوا يستسلمون للهزيمة,لأنهم إنما يعملون لمصلحة سيد واحد يحكمهم,ولكنهم عندما تحرروا,جعل كل واحد منهم يجاهد من اجل تحقيق خيره هو."

"النوافذ المغلقة" لبشير فنصة عبارة عن سرد دقيق لحادثة وفاة الشابة رابعة صاحبة اليوميات والتي  عالجت في يومياتها  أمورا وقضايا على جانب من الخطورة والأهمية يفوق مدارك من هن في مثل سنها المبكرة قصة رابعة قصة  مثيرة,تروي أبشع مأساة يعانيها جيل خائب من الجنسين.
وقد كان أول  ما أثار اهتمام الكاتب في يوميات رابعة,ما انطوت عليه من دقة في الملاحظة,وطول معاناة,وصبر على المكاره
ثم تدرج طبيعي في التفكير وطرح رواسب التقليد الأعمى,والأخذ بمناهج المعرفة,ببصيرة متفتحة,لذلك فقد عزم في هذا الكتاب ,على نشر هذه اليوميات أولا,ومن ثم بالتحقيق الصحفي الذي قام  به  للكشف عن الدوافع المؤدية إلى انتحار الفتيات أو قتلهن وهن فيما يشبه ظروفها وسنها.
هذا وقد يعجب القارئ,عند قراءة اليوميات أن يصادف بعض عبارات منمقة,ذات طابع روائي أدبي ترد هنا وهناك,في الفصول الأولى,فتلك ولا ريب ليست من ابتكار الكاتبة-وهي الفتاة الساذجة شبه المتعلمة,وسيزول عجبه عندما يعلم كما اتضح لي من تحقيق المخطوطة,أن الفقيدة قد نقلتها-عن وعي أو بلا وعي منها-من بعض القصص العربية أو الغربية,كما أشارت إلى ذلك إشارة عابرة في فصل من فصول اليوميات.
"إن الكثيرين من بسطاء الناس,قد كتبوا للتاريخ,من الحقائق,ودونوا من الوقائع,ما لم يتوصل إليه فطاحل المؤرخين,يدفعهم إلى ذلك صدقهم في الرؤية,وبعدهم عن الكلفة,ونزاهتهم في القصد"

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More